الحاصل شنو؟

عابر سبيل - من ذوي الخيال الواسع - صادف صيوان عزاء، فحدثته نفسه بآداء الواجب.. وبعد الفاتحة، عرًفوه بابن المرحوم، فسأله بحزن : ( دا حال الدنيا يا ولدي، أبوك مات كيف؟ والله ما سمعنا بمرضو)، فأجاب الإبن دامعاً : ( لا ما مرض، بس كان ماشي يجيب العيش و ضربتو عربية في الظلط)، فسأله متأثراً : ( لاحول ولا قوة إلا بالله، كان ماشي يجيب عيش بي كم؟)..!!
:: وهكذا يكاد أن يصبح حال الناس من كثرة أخبار ضبط المخدرات بميناء بورتسودان.. ويوم أمس، كان الخبر المزعج بصحيفة (المجهر السياسي)، حيث تم ضبط مخدرات - قادمة من دولة عربية - بميناء بورتسودان..وكالعادة ، إعتباراً من اليوم، سوف تصدر الصحف بأخبار - موصوفة بالجديدة - ذات صلة بهذه القضية..ولكن لن يتجاوز ما يقرأه القارئ حجم المخدرات وقيمتها وإسم المخلص الجمركي..( 150 كرتونة، قيمتها كذا مليار)، هكذا سيكون الخبر يومياً.. ولن يعرف الجناة ..!!
:: وقبل عام، بعد ضبط خمس حاويات مخدرات قيمتها (120 مليار جنيه)، اقتادوا المتهمين إلى المحكمة، فحكمت لهم بالبراءة، ثم قالت في حيثيات الحكم : (أن الحاويات موضوع البلاغ تم تشكيل لجنة لكشفها بواسطة الشرطة قبل وصولها لمرحلة الكشف بواسطة الجمارك، الأمر الذي لم يحقق الحيازة الفعلية، بجانب أن الاتهام لم يقدم شهود يؤكدون علم المتهمين بوجود مخدرات في شحنة الذرة الشامية)، هكذا كانت أسباب البراءة .. ثغرات في التحري و الضبط..!!
:: ومع كراتين الأمس، ما يجعل أمر البحث عن ملاكها ونشرها ومحاكمتها ضروريا هو الجرأة المستخدمة لحد إحضار الحاويات بالقنوات الرسمية وبأوراق الشحن وبأحد أهم منافذ البلد المحروسة بكل الأجهزة الأمنية والشرطية..هل يُمكن أن يتجرأ تاجر مخدرات و يجلب كل هذه مخدرات إلى الميناء الرئيسي للبلد ما لم يكن مطمئناً على سلامة العبور أو ثغرات التحري ؟.. (الحاصل شنو)، أي من أين تستلهم الشركات الموردة كل هذه الثقة والطمأنينة؟..بالتجريب أم بإكتشاف الثغور؟..وما جدوى ضبط المخدرات إن كانت العدالة عاجزة عن محاكمة صاحبها، كما حدث في (شحنات سابقة)..؟؟
:: تلك الأسئلة مهمة للغاية، وهي المدخل للسؤال المشروع : ( كم حاوية أو كرتونة عبرت؟)..نعم، تؤكد الشرطة أن نسبة المخدرات التى تتم مكافحتها هي الكبرى مقارنة مع النسبة التي تتسرب إلى المجتمع عبر الموانئ والمطارات والحدود ( السايبة)..وبما أنها شحنة مخدرات أخرى، وإنها مستوردة بواسطة شركة آخرى، عبر ذات الميناء الشرقي، فمن الخزي والعار أن يفلت أصحابها من العقاب كل مرة، أي كما فعلوا في (الشحنة السابقة)..!!
:: وإن كانت أخطاء التحري وإجراء الرصد - عند رصد الشحنة - تبريرا قانونيا في القضية السابقة، فاليوم لن تجد الشرطة ما تُبرر بها عدم سد ثغرات التحري وإجراءات الرصد..ضبط الحاويات والكراتين وحده لا يكفي، ولا ترديد حجم المخدرات وقيمتها.. طمئنوا المجتمع بحقائق تفصح عن المدان والعقاب..وأُسطوانة أن السودان دولة عبور لهذه المخدرات - وليست دولة إستخدام - صارت أسطوانة مشروخة، ولم تعد تقنع الرأي العام..فالحاويات لا يتم ضبطها عبر الصادر الى الخارج، بل عبر الوارد الى السودان..!!
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
وطن السلام | by TNB ©2010 وتم تعريب القالب بواسطة مدونة نصائح للمدونين .