السؤال البديهي : دارفور الي اين ؟

العالم المتحضر ينبغي ان يستوعب سريعا الحقيقة التي تقول : انه مسؤول بطريقة او بأخري عن جل
الازمات والمأسي الانسانية في عالمنا اليوم . لذا فهو مطالب اخلاقيا وانسانيا بالتدخل الحاسم والشجاع ، وبصورة اكثر ايجابية .. ووضع حد لهذه المأساة ـ او التخفيف من حدتها علي اسوء الفروض . وما الذي تعنيه الحضارة اصلا ، ان لم تكن تعني وفي ابسط تعريفاتها : الانتصار للخيير وللمسحوقين .. ولقيم الجمال والحق ، والعدل و الحرية ؟ ، ان لم تمنح البسطاء والبؤساء فرص فسيحة للمستقبل ، وامل بغد افضل وحياة تستحق ان تعاش ؟؟ . حتي لانكون مجرد كائنات غبية ، تعيش علي كوكب مدهش ..و تصر علي تدمير زاتها وكل ماله علاقة وصلة بالبهاء والاشراق . حتي لاتثبت علينا التهمة الازلية : التوحش ، البداوة والهمجية .. حتي لانضطر للقول : ان المعرفة الانسانية وخلال عشرة الاف عام ، مجرد غثاء وعواء .
يبدو واضحا اننا نعيش حالة من الضياع والتوهان .. ونفتقد للتنظيم وللقيادة . مؤسف وبعد مرور اكثر من عقد ، لازلنا نظرح السؤال البديهي : دارفور الي اين ؟ ، او الثورة الي اين ؟ ومؤسف اكثر معرفة ان كل ماحدث خلال هذه السنين من محاولات لتحقيق السلام العادل وتمهيد الطريق لبناء نظام سياسي قوي وعصري ...الخ كانت خجولة و غير كافية و لاترقي الي عظمة القضية وحجم المأساة
والتضحيات التي قدمت . ان اي حراك ثوري مسلح ومهما امتلك من قوة ... لايمكنه تحقيق الاهداف التي تحرك لأجلها بالقوة المسلحة وحدها !! يجب ان يستصحب هذا العمل المسلح ، عمل سياسي ذكي ، قوي ، دؤووب ومستمر . فالسياسة فعل نخبوي ، يحتاج الي عقل مرن ومنفتح للتعامل معه . السؤال / الي الذين قدموا انفسهم علي انهم الأمل والخلاص ، وعلي انهم الاجدر والاكفأ بتمثيل الشعب وحمل همومه وقضاياه وتحقيق احلامه وامانيه في العيش بسلام و رخاء و حرية ، وعلي انهم الاكثر قدرة علي التصدي لقضايا الحاضر والمستقبل : اين العمل السياسي ؟ اين البرهان علي هذا الادعاء ؟ .و الذي يراهن علي الجانب الانساني فقط ... فهو حتما واهم ـ وجاهل بأبسط حقائق العصر الذي يعيش فيه !! ، فالمنظومة الدولية متماسكة ولا مجال للعواطف والوجدانيات في عملها .. واقعية الي اقصي حد ولا تعرف المثاليات او المجاملات التافهة . يجب ان تكون منظم سياسيا وتمتلك رؤي واضحة للمستقبل .. وتتحرك بخفة و قوة و في كل الاتجاهات وبعقل عصري ... عندها يمكن ان يلتفت اليك وتؤخذ انت وقضاياك علي محمل الجد .
هذه الحياة ،، مهما تقدمت وتطورت ، وتعقدت ... ماهي في حقيقة الامر الا ذلك الاحساس الحميمي الفطري البدائي ، بأن يكون الانسان امنا في وطنه وفي اسرته .
وفي وطن ،، لايجد فيه الناس قوت يومهم ، و تبعثرت فيه الاسر في اصقاع الكون .. ... تبقي المهمة المقدسة لكل الاحرار ، الجهربأعلي صوت ممكن ، والمطالبة بأعادة ذلك الاحساس الفطري لكل مخلوق يعيش علي هذه الارض . وجعله حقيقة وواقع معاش . وهذا اضعف الايمان ! . الأمان بمعناه الكلي والشامل .. مهمة مقدسة لاتقبل التهاون او المساومة .


تري مامعني كل المنجز الثقافي والفكري والفلسفي الانساني ... وما الفائدة من كل هذا التراث والانجاز الانساني الضخم و الهائل في الفلسلفة والاداب والعلوم الانسانية .. ؟ ، اذا كان عاجزا عن استفزازنا لنتحسس انسانيتنا ؟ ، اذا كان عاجزآ عن تحريضنا للوقوف والصراخ في وجه القتلة واللصوص ،، اذا كان عاحزآ عن حماية الطفولة والجمال ،، وردع الاشرار ، والانتصار للبسطاء والبائسين ؟؟؟ ومامعني كل هذا اذا عجز حتي اﻷن عن اخراجنا من حالة البداوة والهمجية والعيش في عصر الديناصورات ؟؟ . يبدو انني مضطر للقول : ان المعرفة الانسانية وبعد عشرة الاف عام ، مجرد غثاء وعواء !! .
محمد نور
التعليقات
0 التعليقات
 
وطن السلام | by TNB ©2010 وتم تعريب القالب بواسطة مدونة نصائح للمدونين .