ﺣﻴﻦ ﺗﻘﻊ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻗﺘﻞ ﺃﻭ ﺃﻱ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺃﻱ ﺑﻠﺪ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺘﺤﻀﺮ، ﻳﺤﺎﻝ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻠﺘﺤﻘﻴﻖ ﻭﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺠﺎﻧﻲ ﺛﻢ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺴﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ.
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ، ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺗﻬﻤﺔ ﻟﺠﻬﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺒﺎﺷﺮ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻭﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻻﺗﻬﺎﻡ ﻟﺸﺨﺺ ﺑﻌﻴﻨﻪ. ﻭﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺗﻤﻴﻞ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻤﺘﺤﻀﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺣﻈﺮ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻓﻲ ﺃﻱ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻗﺒﻞ ﺑﺪﺀ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺔ.
ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﻨﺸﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﻦ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ. ﻭﻳﺴﺘﻮﻱ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻨﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻹﺭﻫﺎﺑﻴﺔ. ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻭﻗﻌﺖ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺇﺭﻫﺎﺑﻴﺔ ﻛﺒﺮﻯ ﻣﺜﻞ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2001 ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ، ﺃﻭ ﺗﻔﺠﻴﺮ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﻳﻮﻟﻴﻮ 2005 ﻓﻲ ﻟﻨﺪﻥ، ﺣﺮﺻﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﺍﻻﺗﻬﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺟﻬﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎﺕ. ﻭﺗﺤﺪﻳﺪﺍً ﺭﻓﻀﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ، ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻟﺘﻬﻢ ﻷﻓﺮﺍﺩ ﺑﻌﻴﻨﻬﻢ، ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻋﻤﻮﻣﺎً ﺟﺮﻳﺮﺓ ﻣﺮﺗﻜﺒﻲ ﺍﻟﺠﻨﺎﻳﺔ.
ﻭﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻓﺈﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟ
ﻭﺃﺫﻛﺮ ﺃﻧﻨﻲ ﺗﺎﺑﻌﺖ ﻗﺒﻞ ﻋﺎﻣﻴﻦ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﺃﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﻗﺘﻞ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺷﺨﺼﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﻴﻦ ﺍﻟﻌﺰﻝ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺃﺳﻮﺍﻕ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ ﻓﻲ ﻫﺠﻮﻡ ﻗﺼﺪ ﺑﻪ ﺗﺤﺪﻳﺪﺍً ﺇﻳﻘﺎﻉ ﺃﻛﺒﺮ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻹﺻﺎﺑﺎﺕ ﻓﻲ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ. ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻤﻌﺖ ﻣﻊ ﻟﺠﻨﺔ ﺗﻘﺼﻲ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﺧﻠﻔﻴﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﻴﻞ ﺃﻧﻬﺎ ﺑﺪﺃﺕ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺴﻠﺤﺔ ﻣﻌﻈﻢ ﺃﻓﺮﺍﺩﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺑﺨﻄﻒ ﺷﺨﺼﻴﻦ ﻳﻨﺘﻤﻴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻣﺠﺎﻭﺭﺓ. ﻭﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﺘﺒﻌﺔ ﻫﻨﺎﻙ، ﺟﺮﺕ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻹﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺡ ﺍﻟﻤﺨﻄﻮﻓﻴﻦ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻓﺸﻠﺖ ﻭﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺠﺰﻫﻤﺎ ﺑﻘﺘﻠﻬﻤﺎ. ﺑﺪﺃﺕ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻹﺟﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺨﺎﻃﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻊ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻘﺘﻴﻠﻴﻦ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻓﺸﻠﺖ، ﻭﺃﺣﺴﺖ ﻗﺒﻴﻠﺘﻬﻤﺎ ﺑﻤﺎ ﺭﺃﺕ ﺃﻧﻪ ﺍﺳﺘﺨﻔﺎﻑ ﻭﺇﻫﺎﻧﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ، ﻓﻘﺮﺭﺕ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﺎ ﺑﺎﺭﺗﻜﺎﺏ ﺟﺮﺍﺋﻢ ﻗﺘﻞ ﻋﺸﻮﺍﺋﻲ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺑﺪﻭﻥ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺎﺓ ﺍﻟﻤﻌﻴﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﻴﻦ.
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﺳﺘﻤﻌﺖ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺗﻮﺟﻬﺖ ﺑﺴﺆﺍﻝ ﻷﺣﺪ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ: ﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﺤﺎﺩﺛﺔ ﺍﻟﺨﻄﻒ ﻭﻣﺎ ﺗﺒﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ؟ ﻭﻫﻞ ﺗﻢ ﻓﺘﺢ ﺑﻼﻍ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﻫﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﺨﻄﻮﻓﻴﻦ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻣﻦ ﺷﺮﻃﻴﺔ ﻭﻋﺪﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﻴﻦ؟ ﻓﺮﺩ ﺑﺄﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ، ﻭﺃﻥ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﻠﻢ ﺑﺤﺎﺩﺙ ﺍﻟﺨﻄﻒ ﺇﻻ ﺣﻴﻦ ﻭﻗﻊ ﺍﺟﺘﻴﺎﺡ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﻗﺘﻞ ﺍﻟﻌﺸﺮﺍﺕ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻬﻤﺠﻴﺔ. ﻭﻋﻠﻞ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻘﺒﻠﻲ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ‘ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ’ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﻋﻼﻣﺔ ﺿﻌﻒ ﻭﻣﻬﺎﻧﺔ. ﻓﺎﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﺧﺬ ﺣﻘﻬﺎ ﺑﻴﺪﻫﺎ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺿﻌﻴﻔﺔ، ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻤﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﺠﻮ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺑﺄﻥ ‘ﻗﺒﻴﻠﺘﻪ ﻻ ﻳﻐﺪﺭﻭﻥ ﺑﺬﻣﺔ، ﻭﻻ ﻳﻈﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺒﺔ ﺧﺮﺩﻝ’.
ﺗﺬﻛﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺷﻬﺪ ‘ﻗﺒﺎﺋﻞ’ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻭ’ﻃﺎﺋﻔﺔ’ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﺗﺴﺮﺝ ﺧﻴﻠﻬﺎ، ﻭﺗﻤﺘﺸﻖ ﺳﻴﻮﻓﻬﺎ ﻟﻸﺧﺬ ﺑﺜﺄﺭ ﻗﺘﻴﻠﻬﺎ ﺍﻟﻤﻐﺪﻭﺭ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺒﺮﺍﻫﻤﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻏﺘﻴﻞ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺨﻤﻴﺲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻋﻠﻲ ﻳﺪ ﻣﺠﻬﻮﻟﻴﻦ. ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺗﺤﺮﻛﺖ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭﻧﺸﺮﺕ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺪﻡ ﻭﻫﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺒﻪ ﺑﻪ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺗﺼﺮﻓﺖ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺃﻫﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ ﻭﺍﻷﺳﻼﻑ ﻣﻦ ﺗﻐﻠﺐ ﻭﺫﺑﻴﺎﻥ، ﻓﺤﺸﺪﺕ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ، ﻭﺃﻋﻠﻨﺖ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻛﻴﻔﻤﺎ ﺍﺗﻔﻖ.
ﻭﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺰﻳﺮ ﺃﺑﻮ ﻟﻴﻠﻰ ﺍﻟﻤﻬﻠﻬﻞ ﻟﻢ ﺗﻘﺒﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺑﺄﻥ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﺘﻬﻢ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﺃﻭ ﻳﻌﺘﻘﻞ، ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﻜﺎﻓﻰﺀ ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ‘ﻳﺒﻮﺀ ﺑﺸﺴﻊ ﺍﻟﻨﻌﻞ’ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﻤﻬﻠﻬﻞ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﺓ. ﻭﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺜﺄﺭ ﺑﺎﻟﻬﺠﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﻀﺎﺭﺏ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭﻗﺘﻞ ﺭﺟﺎﻟﻬﺎ ﻭﺳﺒﻲ ﻧﺴﺎﺋﻬﺎ ﻭﺃﺧﺬ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﺎ ﻏﻨﺎﺋﻢ. ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻓﻘﻂ ﺗﺸﻔﻰ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﻭﺗﺴﻜﻦ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ.ﻭﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﺩﺍﺣﺲ ﻭﺍﻟﻐﺒﺮﺍﺀ، ﺳﻘﺎﻫﺎ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﻬﻢ ﺗﻮﺟﻪ ﺟﺰﺍﻓﺎً. ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﻔﺘﺮﺽ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ، ﻓﻜﻞ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻫﺪﻑ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻟﻼﻧﺘﻘﺎﻡ، ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻬﻢ ﻭﺣﺘﻰ ﻋﻠﻤﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﺣﺪﺙ.
ﻭﻻ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﺍﻟﺘﻬﻤﺔ ﻋﻠﻰ ‘ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ’ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ، ﺑﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﻠﻦ ﺍﻧﺤﻴﺎﺯﻫﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻁ ﻟﻌﺸﻴﺮﺓ ﺑﻨﻲ ﻳﺴﺎﺭ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺁﻝ ﻟﻴﺒﺮﺍﻝ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺤﺴﺐ ﻭﺍﻟﻨﺴﺐ، ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺼﺮﺕ ﻓﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻓﺎﺭﺳﻬﺎ ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ ﻛﻠﻴﺐ ﻭﺍﺋﻞ، ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﺼﺒﺢ ﻫﺪﻓﺎً ﻟﻼﻧﺘﻘﺎﻡ.ﻭﺑﺤﺴﺐ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻱ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﻈﻦ ﺇﺛﻢ- ﻓﺈﻥ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﺗﺎﺭﻳﺨﺎ ﻋﺮﻳﻘﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﻭﻥ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ، ﻭﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺭﺍﺳﺨﺔ ﻭﻣﺤﺘﺮﻣﺔ، ﻭﺭﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻷﻏﺎﻟﺒﺔ ﻭﺧﻴﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ.
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﻦ ﺗﺮﺳﺒﺎﺕ ﻗﺒﻠﻴﺔ، ﻓﺈﻥ ﻣﻦ ﻳﻨﺴﺒﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻣﻴﺔ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮﺍ ﺍﻟﺒﺮﺍﺀﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﻦ ﻋﺼﺒﻴﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ، ﻭﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺣﻜﻢ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﻭﺍﻟﺮﺍﻓﻀﻴﻦ ﻟﺪﻋﺎﻭﻯ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﻭﺗﻬﺪﻳﻢ ﺑﻨﻴﺎﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ. ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻳﻌﻤﻲ. ﻓﺤﺪﺍﺛﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﺍﻟﻤﻔﺘﺮﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺪﻭ ﻫﻲ ﺣﺪﺍﺛﺔ ﺩﺍﺣﺲ ﻭﺍﻟﻐﺒﺮﺍﺀ، ﻭﺗﻘﺪﻣﻴﺔ ﺍﻟﺒﺴﻮﺱ. ﻷﻧﻬﻢ ﺳﺎﺭﻋﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﺣﺎﺩﺙ ﺃﺟﻤﻌﺖ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺍﻧﺘﻪ ﺑﺄﺧﺲ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻟﺘﻬﻴﻴﺞ ﺍﻟﻐﻮﻏﺎﺀ ﻭﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ، ﻃﻤﻌﺎً ﻓﻲ ﻣﻜﺎﺳﺐ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻦ ﻳﻨﺎﻟﻮﻫﺎ.
ﻭﻟﻌﻞ ﺍﻟﻤﺪﻫﺶ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺇﺳﻼﻣﻴﻲ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﺃﺻﺒﺤﻮﺍ ﻫﻢ ﻭﺣﻠﻔﺎﺅﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ، ﺍﻟﻠﻴﺒﺮﺍﻟﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻣﻴﻴﻦ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﻳﻦ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺤﻮﻝ ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﺮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻋﺼﺮ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ. ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺃﻋﻤﻖ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻓﺒﺎﻓﺘﺮﺍﺽ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺒﺴﻮﺳﻴﻴﻦ ﻧﺠﺤﺖ، ﻭﺗﻢ ﺗﻘﻮﻳﺾ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻲ ﻛﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﻭﻳﺨﺸﻰ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺘﻐﻤﺪﻫﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻠﻄﻔﻪ، ﻓﻬﻞ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻳﻮﻥ ﻫﻢ ﺍﻟﺮﺍﺑﺤﻴﻦ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺩﺓ؟
ﺇﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺆﻻﺀ ﻫﻮ ﻋﻮﺩﺓ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻛﻤﺎ ﺗﻢ ﺑﻌﺚ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺒﺎﺭﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻓﻬﻲ ﺗﺘﺮﻧﺢ ﻣﺜﻞ ﺟﺜﺔ ﺗﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻴﻦ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻨﻬﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ. ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺬﻛﺮ ﻫﺆﻻﺀ ﺃﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻭﻗﺒﻠﻪ ﺩﻭﻟﺔ ﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ ﺍﻻﺳﺘﺌﺼﺎﻟﻴﺔ ﺳﺎﺩﺗﺎ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺎﺯﻋﺘﻴﻦ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻗﺮﻥ، ﻓﻜﺎﻥ ﺣﺼﺎﺩﻫﻤﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮﺓ ﺃﻧﻬﺎ ﺍﺳﺘﺌﺼﻠﺖ. ﻭﻟﻌﻞ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺑﻌﺚ ﺩﻭﻟﺔ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺗﺬﻛﺮﺓ ﺑﺄﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺃﺩﻋﻴﺎﺀ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻠﻴﺒﺮﺍﻟﻴﺔ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺃﻧﺼﺎﺭ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻭﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ، ﻭﺑﻌﻀﻬﻢ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻭﺯﺭﺍﺋﻪ، ﻭﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻄﺒﻠﻴﻦ ﻭﻣﻦ ﺷﻬﺪﺍﺀ ﺍﻟﺰﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ. ﻭﻗﺪ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﻬﻢ ﻓﺄﺻﺪﺭ ﻓﻴﻬﻢ ﺣﻜﻤﻪ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ ﻭﺍﻟﺘﻐﺮﻳﺐ، ﻭﻗﺪ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻋﺪﺍﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺇﻥ ﻋﺎﺩﻭﺍ ﻭﻟﻢ ﻳﻌﻠﻨﻮﺍ ﺗﻮﺑﺘﻬﻢ.ﻭﻟﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﻢ ﻣﺴﺎﺀﻟﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻟﺮﻣﻮﺯ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ، ﻭﻓﻀﺢ ﻣﻦ ﺳﺎﻧﺪﻭﺍ ﺍﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺑﺬﺭﺍﺋﻊ ﺷﺘﻰ، ﻭﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺗﻬﺎ ﻭﺇﺳﻘﺎﻁ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻋﺒﺮ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﻭﺗﺤﺪﻱ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺨﺒﺔ.
ﻭﻟﻌﻞ ﺍﻏﺘﺮﺍﺭ ﻫﺆﻻﺀ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺗﻴﺎﺭﺍﺕ ﺩﺍﻋﻤﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺗﻘﻮﺩﻫﺎ ﺩﻭﻳﻼﺕ ﺍﻧﺘﺤﺎﺭﻳﺔ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺃﻥ ﺗﺸﻦ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﻮﺑﻬﺎ ﻫﻲ، ﺛﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﺑﻌﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻭﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ، ﻫﻮ ﺣﻤﺎﻗﺔ ﻣﺜﻞ ﺣﻤﺎﻗﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻭﻳﻼﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺍﻻﻧﻬﻴﺎﺭ ﺑﻤﻐﺎﻣﺮﺍﺕ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻬﺎ. ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻳﺮﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻼﻛﻪ ﻓﻼ ﺭﺍﺩ ﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻪ.
ﻫﻨﺎﻙ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﺩﻭﻟﻲ ﻧﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻮﻧﺲ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﻨﻈﺎﻡ ﺣﻜﻢ ﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻲ ﺣﻘﻴﻘﻲ. ﻓﺎﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻨﺘﺨﺒﺔ ﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺎً ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﻣﻤﺎﺭﺳﺎﺗﻬﺎ ﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎﺯ. ﻭﺑﺨﻼﻑ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻓﺈﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﻢ ﻳﺠﻨﺤﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻧﻔﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺟﻌﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻭﺍﻻﺋﺘﻼﻑ ﺳﻴﺎﺳﺔ، ﻭﻣﺪﻭﺍ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻣﺮﺍﺭﺍً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺩﺍﻋﻴﻦ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ. ﻭﻟﻜﻦ ﻏﻼﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﻴﻦ ﺭﻓﻀﻮﺍ ﺍﻟﻌﺮﻭﺽ ﺗﺤﺪﻳﺪﺍً ﻷﻧﻬﻢ ﻏﻴﺮ ﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﻴﻦ ﻭﻻ ﻳﻘﺒﻠﻮﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻵﺧﺮ، ﻭﻷﻧﻬﻢ ﻣﻐﺘﺮﻭﻥ ﺑﺄﻥ ﻣﻘﺎﻃﻌﺘﻬﻢ ﺳﺘﻀﺮ ﺑﺎﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، ﻭﻫﻮ ﻭﻫﻢ ﻗﺎﺗﻞ.
ﺇﻥ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﻟﻠﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺑﻨﻈﺎﻡ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻐﻮﻏﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﻠﻄﺠﻴﺔ ﻭﺩﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺃﻣﻦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻉ ﻟﻦ ﻳﺘﻜﺮﺭ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ، ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻟﻴﺲ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺮ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮﻳﻦ. ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻷﻗﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﺍﻻ ﺗﺴﻮﺩ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺃﻭ ﺃﻥ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺻﻮﻣﺎﻝ ﺃﺧﺮﻯ، ﻷﻧﻬﻢ ﺳﻴﻜﻮﻧﻮﻥ ﺃﻭﻝ ﺿﺤﺎﻳﺎ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺗﻔﻜﻜﻬﺎ. ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺨﺒﺔ ﻹﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻲ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﻟﻤﺘﺎﺣﺔ، ﻭﻫﻲ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺛﻢ ﺃﺟﺮﺍﺀ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺣﺮﺓ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﺍﻟﻘﺒﻠﻲ ﻣﺘﺎﺣﺎً ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺳﻮﻕ ﻋﻜﺎﻅ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺤﺴﺐ ﺳﻨﺔ ﺩﺍﺣﺲ ﻭﻏﺒﺮﺍﺀ. ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺗﻌﺮﻑ ﻛﻞ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ، ﻭﻛﻞ ﻋﺸﻴﺮﺓ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﻋﺮﺍﺏ، ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﺗﻠﻚ ﻟﻺﺑﺎﺩﺓ ﻛﻤﺎ ﺃﺑﻴﺪﺕ ﻗﺮﻃﺎﺝ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻷﻧﻬﺎ ﺍﻧﺨﺮﻃﺖ ﻓﻲ ﻣﻐﺎﻣﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻏﻨﻰً ﻋﻨﻬﺎ.