الالتزام بالعهود أم التهرب من المسئولية: تزايد الحوجة لدور أكثر فاعلية لبعثة يوناميد في دارفور

تقرير: أعدته المجموعة السودانية للديمقراطية أولاًملخص تنفيذي

في نوفمبر ٢٠١٤، بدات الحكومة السودانية تطالب برحيل بعثة الاتحاد الافريقي والامم المتحدة المشتركة في اقليم دارفور (يوناميد) عن الاراضي السودانية. وبدات هذه المطلب في الظهور بالتحديد بعد كشف البعثة عن جرائم الاغتصاب الجماعي في قرية تابت في اكتوبر من نفس العام. وبينما تبرر الحكومة السودانية لمطلبها برحيل يوناميد بالادعاء بان دارفور تشهد حالة من السلام والاستقرار، فان الحقائق على ارض الواقع تكشف تزايدا مطردا للعنف والانتهاكات التي ترتكبها القوات الحكومية والمليشيات التابعة لها.
رحيل يوناميد في الوقت الحالي، سيفاقم من سوء الاوضاع الانسانية في دارفور ويزيد من حدة الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيين. فبدلا عن الاستغراق في نقاش كيفية التهرب من المسئولية الانسانية وبحث خطط خروج يوناميد من السودان، ينبغي على المجتمع الدولي البحث عن السبل المناسبة لزيادة فعالية البعثة في تنفيذ دورها وواجباتها المنصوص عليها، وذلك وفقا للتوصيات التالية:
الالتزام بتواجد البعثة على الأرض لدعم عملية بناء السلام وتحقيق الاستقرار في إقليم دارفور، ورفض الدعاوي الحكومية المجافية للواقع عن حدوث اي استقرار، فالسلام في دارفور لا يزال بعيد المنال.
انهاء حالة اعاقة ايصال المساعدات الإنسانية والتحكم على مساراتها من قبل الحكومة السودانية، وممارسة الضغط الكافية على الحكومة السودانية بغرض ايصال المساعدات الانسانية بواسطة المنظمات العالمية دون شروط او قيود.
اشراك كافة الاطراف ذات الصلة في تنسيق اعمال بعثة يوناميد، بما في ذلك القوى السياسية ذات القاعدة الاجتماعية الواسعة والحقيقية في دارفور، والقيادات الاهلية من ممثلي مجتمعات ضحايا الحرب من النازحين.
زيادة فاعلية بعثة يوناميد ودعمها بالمعدات المطلوبة، وخصوصا الطائرات والمعدات الجوية. بالاضافة الى اظهار وتقديم الامم المتحدة والاتحاد الأفريقي للدعم السياسي الكافي للبعثة وبما يمكينها من اداء مهامها كما هو منصوص عليه في مجالات اختصاصها.
مقدمة
في الواحد والثلاثين من يوليو لعام ٢٠٠٧، اصدر مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة القرار رقم ١٧٦٩، والذي نص رسميا على انشاء بعثة الامم المتحدة والاتحاد الافريقي المشتركة الي اقليم دارفور (يوناميد). وقد منح القرار البعثة مهام حفظ السلام لدعم اتفاقية سلام دارفور الموقعة في عام ٢٠٠٦ بابوجا. وعمليا فقد حلت البعثة المشتركة (يوناميد) محل بعثة الاتحاد الافريقي لاقليم دارفور (اميس) والتي كان قد تم انشاءها في العام ٢٠٠٤ لحماية المراقبين الذين ارسلهم الاتحاد الافريقي لمراقبة وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه حينها. ولاحقا تم توسيع مهام بعثة (اميس) لتشمل مهام حفظ السلام في الاقليم بالتزامن مع فرض عقوبات دولية على الحكومة السودانية تحت طائلة قرار مجلس الأمن ١٥٦٤.
والشاهد ان قوات البعثة الأفريقية (اميس) كانت ضعيفة التسليح والاعداد بالاضافة الي ضعف تمويلها وتجهيزها، لدرجة انها لم تستطع من اكمال حجم قواتها المصرح به والبالغ ٧٧٣١ جندي وضابط شرطة. ونسبة لهذه العوامل المشتركة فقد فشلت البعثة في احتواء العنف الدائر في دارفور حتى تاريخ اندماجها بشكل كامل وتوسعتها لتصبح البعثة الامم المتحدة والاتحاد الافريقي المشتركة في دارفور (يوناميد) في ٣١ ديسمبر ٢٠٠٧.
افق للامل
استند القرار بتشكيل بعثة حفظ السلام الدولية المشتركة في دارفور بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي على اساس الحوجة المآسة لبعثة حفظ سلام اكثر فعالية وافضل تاهيلا وذات تفويض اقوى لتدعم عملية السلام وصنع الاستقرار في دارفور. ومنحت البعثة تفويضا لفترة ١٢ شهر عند تاسيسها وتم التجديد لها مرات متعدده حتى تاريخه. ويبلغ عدد قوات البعثة نحو ٢٦ ألف كادر (ينقسمون الي ١٩٥٥٥ ضابط عسكري، ٣٧٧٢ ضابط بوليس بالاضافة الي ١٩ وحدة بوليس خاصة تشمل ٢٦٦٠ ضابط)، هذا غير الموظفين الاداريين المحليين والاجانب. وتعتبر بعثة يوناميد من اكبر بعثات حفظ السلام على مر التاريخ العالمي. بالاضافة الى ذلك، فان بعثة يوناميد تعتبر اول بعثة لحفظ سلام ثنائية التكوين في تاريخ الامم المتحدة تشارك في ادارتها منظمة دولية اخرى ممثلة في الاتحاد الافريقي. واستجابة لضغوطات الحكومة السودانية، فقد تم الاتفاق بالاحتفاظ بشخصية افريقية للقوات المشاركة في البعثة بينما تتولى الامم المتحدة الادارة وتقديم الدعم اللوجستي والمادي للبعثة.
وبالمقارنة مع بعثة (اميس)، فقد تم تقوية التفويض الممنوح للبعثة المشتركة بشكل وافي ليتضمن:( 1) دعم تنفيذ اتفاقية سلام دارفور المبرمة في ابوجا لعام (٢٠٠٦)، (2) دعم عملية المصالحات السياسية في دارفور وضمان اشراك كافة الاطراف، (3) استعادة شروط الامن الضرورية لضمان تقديم العون الانساني للمتضررين في الاقليم، (4) السماح باستخدام القوة العسكرية لحماية المدنيين وموظفي البعثة ومنظمات الاغاثة، و (5) مراقبة حوادث العنف والتحقيق فيها وتبليغ مجلس الامن عنها.
مآساة يوناميد
برغم كل التحضيرات والاستعدادات والتفويض الكافي للبعثة، ظلت يوناميد تواجه انتقادات كبيرة تتعلق بطريقة ومستوى تنفيذها لواجباتها ومهامها المنصوص عليها. وتعددت التجارب في تقصيرها بصورة خاصة في واجب حماية المدنيين في دارفور. وقد ساهم نقص المعدات والتاهيل في التاثير على فعالية البعثة، خصوصا النقص في الطائرات والمعدات الجوية بالنظر الي واقع الجغرافيا المعقدة والمتسعة بدارفور وانتشار القصف الحكومي الجوي كاحد ابرز وسائل الانتهاكات ضد المدنيين مما ساهم في الحد من فعالية البعثة.
كذلك ساهم ضعف الإرادة السياسية من قبل الأطراف الدوليين لدعم البعثة وخصوصا في دعم استعمال القوة العسكرية لحماية المدنيين، مما نتج عنه حالة الفشل الكبير ة في تنفيذ واجب حماية المدنيين الموكل الي البعثة. وقد وصلت حالة الفشل هذه الي الدرجة التي حدت باحد المراقبين الدوليين، لوصف يوناميد بأنها “تقدم دروسا” عن كيفية التعاون الدولي في ادارة الحملات المشتركة، بدلا عن “القيام بمهامها” كبعثة لحفظ سلام. كما اشار مستشار الامن القومي البريطاني السير مارك جستين قرانت -وهو مبعوث دائم سابق لبريطانيا لدى الامم المتحدة، ورئيس مجلس الامن الدولي لاربع دورات مختلفة- اشار الي الطبيعة الهجين الثنائية للبعثة كاحد معوقات نجاحها، بالاضافة الي المعوقات العملية التي تضعها الحكومة السودانية في وجه البعثة لتعطيلها عن تنفيذ مهامها. فعلى سبيل المثال كانت الاجراءات البيروقراطية التي تلزم البعثة باخذ الاذن من الحكومة لكل نشاط تبتغي القيام به-حتى تلك النشاطات المنصوص عليها صراحة في تفويض البعثة- وبما يستهلك الكثير من الوقت والجهد، بالاضافة الى منع يوناميد من التحقيق في، والتعامل مع الجرائم والانتهاكات التي تقع امام اعينها.
ان الانتقادات الموجه الى بعثة يوناميد حملت في طياتها ان العالم كان اشد اهتماما بمراقبة تجربة التعاون الدولي والاقليمي ممثلا في البعثة الهجين ليوناميد اكثر من اهتمامه بمهام حفظ السلام الموكلة اليها. فقد كان واضحا ان البعثة قد صممت للحفاظ على سلام لم يوجد اصلا ولم تكن هي مؤهلة بالشكل الكافي للمشاركة في صنعه.
وفي ابريل من عام ٢٠١٤، اتهمت موظفة دولية سابقة بالبعثة، يوناميد بالمشاركة في مؤامرة للتغطية بشكل متعمد على الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها الحكومة والمليشيات الموالية لها ضد المدنيين في دارفور. وحسب تصريحات د. عائشة البصري، والتي شغلت منصب المتحدث الرسمي باسم البعثة في اعوام ٢٠١٢ و٢٠١٣، قائلة ان قوات يوناميد لم تحرك ساكنا وهي تشاهد حوادث الهجوم على المدنيين واطلاق النار عليهم بواسطة المليشيات والقوات الحكومية. وكذلك اضافت البصري ان البعثة قد كانت تاخذ صورا وتؤثق هذه الهجمات في بعض الاحيان، ولكنها لم تقم ابدا بالتبليغ عنها. كما تضمنت اتهامات البصري فشل البعثة في التبليغ عن حملات القصف الجوي الحكومية على المناطق المأهولة بالمدنيين، وتورط الحكومة في النزاع حول مناطق التنقيب على الذهب في جبل عامر في عامي ٢٠١٢ -٢٠١٣ والذي نتج عنه مقتل المئات من المدنيين بالاضافة الي موجة نزوح واسعة للمواطنين هربا من العنف قدر حجمها بأكثر من مئة ألف نازح من المنطقة.
وسربت عائشة البصري آلالاف من التقارير الدبلوماسية، وتقارير الشرطة، والتحقيقات العسكرية والمراسلات الي مجلة السياسة الخارجية (فورين بوليسي) كدليل على اتهاماتها العلنية وذلك بعد ان رفضت الامم المتحدة مرارا التحقيق في تلك الاتهامات.
في خطوة غير متوقعة تلت ذاك التسريب، طالبت المحكمة الجنائية الدولية، الامم المتحدة بالتحقيق في هذه الاتهامات بالتستر على جرائم الحكومة السودانية في دارفور. وبينما رفضت الامم المتحدة اجراء اي تحقيق مستقل في الامر، الا انها اعلنت عن اطلاق عملية مراجعة استراتيجية شاملة لعملياتها في دارفور. وبالرغم من ان المراجعة وصفت بانها تمت في جو من السرية وتميزت بعدم الشمولية، الا ان تقريرها الختامي قد اثبت وجود خمسة حالات على الاقل ضللت فيها بعثة يوناميد وسائل الاعلام واخفت معلومات أساسية تدين الحكومة السودانية في حوادث الهجوم على المدنيين وقوات حفظ السلام، عن رئاسة الامم المتحدة. ان قيادة بعثة يوناميد قد ضللت مجلس الامن الدولي بالإضافة الي فشلها في تنفيذ واجبات وتفويضها. ونتيجة لذلك طالبت عدد من الدول الاعضاء بمجلس الامن بمحاسبة المتورطين من القيادات في هذه الفضيحة، ولكن الامم المتحدة لم تحمل قيادة يوناميد اي مسئولية على الاطلاق. وعلى اي حال فقد اعلن قائد البعثة عن عزمه ترك موقعه في سبتمبر ٢٠١٤، دون ان يصرح ان كان لهذا الامر اي علاقة بنتائج تقرير المراجعة ام لا.
ثمن الصمت
في الثلاثين من نوفمبر ٢٠١٤، طالب الرئيس السوداني عمر البشير بعثة يوناميد بالرحيل عن الاراضي السودانية. وصف البشير البعثة بانها باتت تشكل عبء امني واتهمها بانها بعثة لحماية المتمردين وليس المدنيين. وبعدها مباشرة طالبت الحكومة السودانية رسميا من بعثة يوناميد اعداد استراتيجية لخروج البعثة من دارفور، وعقدت لاجل هذا الغرض اجتماع رسمي للآلية الثلاثية العليا للتنسيق لعمل يوناميد ( الامم المتحدة والاتحاد الافريقي والحكومة السودانية). من ثم اعلت الحكومة السودانية من مطالبها برحيل بعثة يوناميد بعد مشاركة البعثة في الكشف عن جرائم الاغتصاب الجماعي التي ارتكبتها القوات الحكومية في تابت. وكانت عناصر امنية تابعة للحكومة قد منعت البعثة من التحقيق في الواقعة اكثر من مرة مما حدي بالبعثة للاعراب علنا عن قلقها بخصوص جريمة اغتصابات تابت.
و تواصلت مطالبة الحكومة برحيل يوناميد على مدار العام ٢٠١٥، حيث اصبح هذا المطلب هو الخطاب الحكومي الرسمي عند الحديث عن يوناميد، وتكرر ايضا عندما ادعى وزير الخارجية السوداني، ابراهيم غندور، ان دارفور تشهد حالة من السلام وعودة طوعية للنازحين بما يتطلب رحيل البعثة. وفي ذات السياق، صرح نائب الرئيس السوداني حسبو عبد الرحمن في ٢٨ ديسمبر ٢٠١٥ عن نية حكومته في تفكيك كافة معسكرات النازحين خلال العام ٢٠١٦. ووضع خيارين امام النازحين: اما القبول بالعودة الطوعية او اعادة تخطيط مناطق لجؤهم الحالية، مشددا على عزم الحكومة السودانية على اتخاذ كافة الاجراءات الضرورية للوصول الي هذا الهدف، معلنا ان عام ٢٠١٦ سيشهد نهاية النزوح في دارفور.
جشع الغول
تشهد القمة الأفريقية في يناير ٢٠١٦، اجتماعا للآلية الثلاثية الرفيعة لتنسيق عمل بعثة يوناميد، وقد اعربت الحكومة السودانية مبكرا على نيتها في اعادة طرح خروج يوناميد من دارفور كجند اساسي لهذا الاجتماع. واقع الحقائق على ارض اقليم دارفور ينفي بشدة كافة ادعاءات الحكومة عن تحقق اي سلام او استقرار متوهمين في الاقليم. فقد شهدت الاسابيع القليلة الماضية ارتفاعا مستمرا في احداث الاعتداء على المدنيين في مناطق مختلفة من دارفور. وقد استعرضت المجموعة السودانية للديموقراطية اولا في تقرير سابق لها بعنوان (تفكيك معسكرات النازحين في دارفور، جريمة جديدة في سلسلة جرائم مستمرة)، وضع العنف المتزايد في الإقليم. ففي ١٥ يناير ٢٠١٦ قامت قوات من مليشيا قوات الدعم السريع التابعة للحكومة السودانية مصحوبة بقصف جوي مكثف بشن هجوم واسع النطاق على مناطق جبل مرة بما ادى الي خسائر واسعة في الارواح ونزوح آلاف المواطنين عن مناطق سكناهم الأصلية حول المنطقة[1]. وفي مطلع يناير، هاجمت عناصر امنية حكومية الاعتصام السلمي للنازحين في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور مما ادى الي مقتل ١٤ منهم[2]. وكان الاعتصام يطالب بتوفير حماية حكومية للقرى المحيطة بالجنينة من الهجمات المتكررة من المليشيات الموالية للحكومة. وايضا، حسب تقارير وكالة الامم المتحدة لتنسيق الاغاثة الإنسانية (اوتشا) فقد شهد اسبوع واحد فقط من ديسمبر المنصرم ٣٤ هجمة عسكرية قامت بها المليشيات الموالية للحكومة على قرى المدنيين في محلية كتم شمال دارفور فقط[3]. كما شهد نهاية العام الماضي تزايدا مستمرا للعمليات العسكرية في دارفور بما نتج عنه نزوح ٢٣٣ ألف مواطن خلال العام بحسب إحصائيات اوتشا. وقد ركزت مليشيات الدعم السريع والمليشيات شبه الحكومية الأخرى على حرق المحاصيل ونهب الماشية من الاهالي بما يهدد بانتشار مجاعة واسعة النطاق في الاقليم خلال هذا العام[4]. وقد اعلنت عدة وكالات غوث إنساني -ومن بينها صندوق الغذاء العالمي-في نوفمبر ٢٠١٥، على عدم قدرتها على مواصلة تقديم الدعم الغذائي لاكثر من ١٢٢ ألف نازح في دارفور نسبة لتصاعد وتيرة العنف في الإقليم.
ان اعلان الحكومة عن نيتها المبيتة على تفكيك معسكرات النازحين في دارفور خلال هذا العام بالاضافة الي الحديث المتواصل عن المطالبة بخروج بعثة يوناميد يثير الكثير من القلق على وضع المدنيين. وسواء ان كان المجتمع الدولي يعاني من حالة من الارهاق فعلا بخصوص الاوضاع في دارفور او يسعى ببساطة الي التهرب من مسئولياته الانسانية والتزاماته بخصوص الكارثة الإنسانية في الإقليم، فان ذلك لن يدفن حقيقة الوضع الكارثي المتفاقم في المنطقة، واستمرار المجتمع الدولي في التعاطي مع هذا الخطاب يجعله مشاركا في التمهيد لجرائم جديدة ترتكبها الحكومة وميلشياتها ضد المدنيين.
والخطر الآخر الذي يلوح في الافق مرتبطا مع تصاعد الخطاب الحكومي حول خروج يوناميد من دارفور في الوقت الحالي يتمثل في اعلان الحكومة السودانية عن نيتها لتنظيم الاستفتاء الاداري حول وضعية دارفور في أبريل المقبل. ويختص هذا الاستفتاء بالتقرير بشان الوضع الاقليمي لدارفور كاقليم واحد او عدة ولايات كما هو ماثل الان. ان خروج بعثة يوناميد في هذا الوقت يسمح للحكومة بتغيير الخارطة السكانية في الاقليم عبر تنفيذ خطتها بتفكيك معسكرات النازحين قبل قيام الاستفتاء للتلاعب في نتائجه في ظل غياب كامل او ضعف شديد للرقابة الدولية التي ستقوم بها يوناميد.
فمطلب الإقليم الواحد لدارفور هو قضية سياسية وفي قلب عملية السلام النهائي والعادل، كما يمثل مطلب شعبي واسع الانتشار وسط مواطنيّ الاقليم، وتتبناه غالبية القوى السياسية ذات العمق الاجتماعي والوجود الحقيقي في الإقليم. وهو مطلب يقف في مواجه مسعي ومنهج الحكومة في تقسيم الاقليم الي عدد من الولايات على اساس اثني، يسمح باستيطان القادمين من خارج السودان من المليشيات الداعمة للحكومة. وبهذا المنهج والمسعي في تقسيم دارفور تعمل الحكومة السودانية وحزبها الحاكم، المؤتمر الوطني، على المحافظة على هيمنتها ونفوذها في المنطقة، وبما يحول دون تحقيق عدالة السلام والمشاركة السياسية والتنمية.
توصيات
المجموعة السودانية للديموقراطية اولاً، وعلى ضوء العوامل والتحليلات السابقة، وبصورة خاصة العنف المتزايد والمآسة الانسانية المستمرة والمتجددة في دارفور، فانها تطالب مجلس الامن الدولي ومجلس السلم والامن الافريقي بالنظر والتعامل الايجابي مع التوصيات التالية:
تفعيل دور البعثة المشتركة (يوناميد) كبعثة لحفظ سلام، وكوسيط مسهل في عملية صناعة السلام، مع التركيز على تدعيم مهامها في حماية المدنيين. فبالرغم من الانتقادات المستمرة التي وجهت للبعثة، الا ان غيابها الكامل سيؤدي الي نتائج كارثية على اوضاع وحماية المدنيين. فيجب زيادة فعالية البعثة بتزويدها بالمعدات الكافية -خصوصا الطائرات ومعدات الحماية الجوية، بالاضافة الى اظهار وتقديم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي للدعم السياسي الكافي للبعثة وبما يمكينها من اداء مهامها على الوجه الأمثل.
ادعاءات السلام والاستقرار في دارفور ليست اكاذيب واوهام تسوق لها الحكومة السودانية لا تستند على اي حقائق في الواقع، وتتعارض مع التقارير المستقلة -بما فيها وكالات الأمم المتحدة الاخيرة- التي تؤثق للتدهور المستمر للأوضاع في دارفور. ان التسليم بهذه الادعاءات الحكومية يمهد الطريق لارتكاب المزيد من الجرائم ضد المدنيين من قبل القوات الحكومية ومليشياتها في حالة غياب الدور الرقابي لبعثة يوناميد. والشاهد على بروز اي فرصة حقيقية لتحقيق سلام دائم وعادل في دارفور يتطلب بالضرورة وجود وفاعلية بعثة لحفظ السلام.
اهمية مشاركة كافة الأطراف المعنية بالصراع في دارفور في التنسيق واتخاذ القرارات السياسية الكبرى بشان بعثة يوناميد ضمن قائمة أولويات اعادة تفعيل ادوام البعثة. فالآلية الثلاثية الحالية( الامم المتحدة، الاتحاد الافريقي والحكومة السودانية) لا تشمل مشاركة القوى السياسية ذات القاعدة الاجتماعية الواسعة والحقيقية في دارفور، والقيادات الاهلية من ممثلي مجتمعات ضحايا الحرب من النازحين. وانعدام هكذا تمثيل يعتبر احد اوجه القصور الرئيسية التي تحد من فعالية بعثة يوناميد وتاثر على عملية صناعة القرار فيها بهيمنة وجهة النظر الحكومية.
إنهاء حالة إغلاق منافذ ومسارات الاغاثة الانسانية والتحكم في عملياتها من قبل الحكومة السودانية. ففي العام ٢٠٠٨ قامت السلطات الحكومية بطرد عدد من منظمات العون الانساني العالمية التي كانت تقدم الغوث لنحو ٨٠٪‏ من متضرري الحرب، ومنذها اصبحت ادارة العملية الانسانية تحت الرقابة والهيمنة الامنية الحكومية التامة. ان موجات النزوح المتزايدة، خاصة بعد الهجمات الحكومية الاخيرة في جبل مرة وخطر المجاعة الذي يهدد الاقليم يتطلب من كل الهيئات الدولية ممارسة الضغوط الكافية على الحكومة السودانية بغرض ايصال المساعدات الانسانية بواسطة المنظمات العالمية بصورة كاملة ودون شروط او قيود.
[1] بيان من يوناميد بتاريخ 17 يناير 2016.
[2] بيان من يوناميد بتاريخ 11 يناير 2016
[3] التقرير الأسبوعي لاوتشا (عدد 51) للفترة بين 14 الي 20 ديسمبر 2015
4 تقرير اليونسيف عن الوضع الإنساني في السودان-ديسمبر 2015
تقرير: أعدته المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً
التعليقات
0 التعليقات
 
وطن السلام | by TNB ©2010 وتم تعريب القالب بواسطة مدونة نصائح للمدونين .